طلب منى قارئ كريم تفسيرا للهجوم الشرس الذى يشنه الكاتب الكبير أستاذى إبراهيم عيسى على من يصفهم فى مقالاته وبرنامجه بالحقوقيين ونشطاء اليسار الممولين من الخارج، قائلا إن حديث ابراهيم عيسى بتاريخه الثورى ضد ظاهرة التمويل الأجنبى فى هذا الوقت بالذات دفعه للتشكك أكثر فى نوايا ووطنية كل من يحصل على تمويل أجنبى من الخارج، وفى الحقيقة لم أجد ردا شافيا على السائل إلا بمقال مهم أحتفظ به يحمل عنوان (منافقون برخصة) وأثق أنه سيشكل إجابة وافية على أسئلة تثار كثيرا عن التمويل الأجنبى الذى تهاجمه أبواق الفضائيات الناعقة ليل نهار.
يقول المقال: «كان إذا أراد أحدهم أن يؤكد أن فلانة عاهرة وصفها بأنها عاهرة برخصة، أى أنها حاصلة بالفعل على رخصة رسمية لمزاولة البغاء، فقد كانت مصر وقتها تسمح رسميا بالبغاء، فكانت هناك بيوت بغاء مفتوحة بموافقة الدولة، وغانيات وعاهرات يحملن رخصا حكومية من مكاتب الصحة، بخلوهن من الأمراض، بما يسمح لهن بممارسة البغاء فى أحياء وأماكن مشهورة ومعلومة، مثل حى كلوت بك مثلا، واندلعت الحرب العالمية وكانت مصر مسرحها الساخن، حيث جنود الإنجليز ومعهم جنسيات من أستراليا والهند وغيرهما كانوا فى معسكرات منتشرة فى أرجاء الوطن، والجنود بشر فى أزمة ومحتاجين إلى «ترفيه» والترفيه يعنى الذهاب إلى دور البغاء. المفاجأة جاءت من هنا، أن الداعرات والعاهرات فى مصر رفضن بكل إباء وشمم وكبرياء وطنى صميم عظيم أن يفتحن سيقانهن للجنود المحتلين والأجانب.. مما دفع قوات الاحتلال الإنجليزى لاستيراد عاهرات أجنبيات مخصوصات إلى مصر بالتعاون مع غانيات أجنبيات مقيمات أصلا فى القاهرة والإسكندرية وقضوها كده. المدهش كذلك (مرجعى فى هذه المعلومات كتب الدكتور عبدالوهاب بكر عن تاريخ العالم السرى والبغاء فى مصر) أن الرجال المصريين من باب الوطنية ورفض الاحتلال والأجانب لم يقتربوا من العاهرات الأجنبيات، ولم يفضلوهن أبدا، فكانت دور البغاء وطنية وصناعة محلية يرفض الزبون والعاهرة أن يدخل بينهما أجنبى محتل غادر، ومن الجائز أن تسمع ساعتها عاهرة تعلن بكل عزم: «إلا المال الحرام بتاع الخواجات، آخد فلوسى وعرق جبينى من رجالة مصر، وحد الله بينا وبين الغرب (الاستعمارى الصليبى)». لماذا تلح على دماغى هذه الأحداث التاريخية عندما أتابع وطنية بعض الموجودين على الساحة السياسية فأجدها أقرب إلى وطنية بيوت البغاء وعاهرات مصر فى الحرب العالمية؟.
هناك شخصيات تجدها زاعقة بالصوت العالى ضد تمويل الغرب جمعيات ومنظمات حقوق الإنسان فى مصر والزعم أن هذا اختراق للوطن (والعجيب أن هذا الغرب نفسه هو الذى يموِل الجيش المصرى والحكومة ووزاراتها). صناديق التصويت البلاستيك شديدة الأناقة التى شهدناها فى لجان انتخابات مجلس الشورى، وكذلك الحبر الفسفورى، وكذلك الستائر المحيطة بمكان إدلاء الناخب بصوته داخل اللجنة.. كلها بفلوس وتمويل منظمة أمريكية رفيقة وشقيقة للمنظمات الأمريكية التى بدأنا فى محاكمتها أمس!
ما رأيك؟ يعنى الحكومة ذات نفسها أخذت مِنحا وهدايا وتمويلا من منظمة أمريكية حقوقية، بينما إذا حصلت منظمة حقوق إنسان على منحة من بلد هنا ولا هنا نفرت العروق وهات يا اتهامات بالعمالة أو الخيانة للآخرين. هناك وطنية عاهرات ترفض أى لقاء أمريكى أو أوروبى مع شخصيات أو تيارات سياسية فى مصر وكأن أى معارض مصرى هو خائن بالضرورة لو التقى مسئولا أمريكيا أو أوروبيا، أو أن أى سياسى مصرى هو مشروع عميل إذا قعد أو سافر أو قابل أحدا من حكومات الغرب، كأن الوطنية حكر على المسئولين وموزعى أختام الوطنية من الجالسين على مقاعد الحكم والجالسين على حِجر الجالسين على مقاعد الحكم، وكأن لواءات أمن الدولة وجنرالات الجيش هم وحدهم أصحاب الوطنية الغراء والذين يملكون حصانة مواجهة الغرب والأجانب دون أن يتحولوا إلى عملاء أو جواسيس مثلا، بينما المعارضون لنظام مبارك أو لحكم العسكر هم وحدهم مؤهلون لأن يكونوا عملاء للأمريكان!
العجيب أن دفعات بالمئات من ضباط الداخلية وبالذات فى فرع مكافحة الشغب ومواجهة الإرهاب وكذلك من جهاز أمن الدولة كانت تسافر للتدريب فى أمريكا سنويا، كذلك هناك مئتان من ضباط الجيش المصرى يتدربون فى بعثات سنوية تستمر عدة شهور فى الولايات المتحدة بالتعاون مع البنتاجون. لماذا يبدو هؤلاء أشرف من الشرف بينما حين يسافر شباب للتدريب على نشر الوعى السياسى والتنظيم الحزبى وبناء قواعد جماهيرية وتنظيم المظاهرات يبقوا ولاد كلب عملاء؟!
يعنى أمريكى يعلِم الضابط المصرى كيف يضرب قنابل الغاز ويفض بها المظاهرة، وأمريكى يدرب الضابط المصرى على قنص الإرهابى من فوق جبل واستخدام أشعة الليزر فى توجيه الضربات القاتلة، وأمريكى يعلِم الضابط المصرى أساليب الحرب النفسية فى استجواب المعتقلين ونزع الاعترافات منهم، وأمريكى يدرِب الضابط المصرى على التعامل مع حرب العصابات فى المناطق الجغرافية الوعرة، وحكومة أمريكية تستضيف هؤلاء الضباط فى فنادقها ومقراتها وعلى حسابها وتعطيهم دورات سياسية وتنظِم لهم جولات فى المجتمع الأمريكى.. كل هذا من وجهة نظر تيار وطنية العاهرات حلال مصفى ومية مية ولا خوف على هؤلاء أبدا من العمالة والخيانة وهلم جرا!
أما حين يدرِب أمريكى الشاب المصرى على تحديد أهداف الحملة السياسية، وتنظيم مؤتمر ومخاطبة الجمهور واستمالة المتفرجين إلى قضيته وكيفية إعداد الدعاية الناجحة لفكرته والأسلوب الأمثل لكسب ود الناس بخصوص الموضوع الذى يروج له وأفضل طرق تسويق فكرة أو شخص فى المجتمع سياسيا.. هنا يبقى الشاب فى رأى تيار وطنية العاهرات مضحوكا عليه وعميلا يخدم الأهداف الأمريكية ويريد تخريب مصر!
أما آن للعاهرات أن يتُبْن.. وأن يحصل المنافقون على رخصة كلوت بك؟!».
نسيت أن أقول للسائل الكريم ولك أن هذا المقال الذى انتهيت من قراءته للتو كتبه الأستاذ ابراهيم عيسى ذات نفسه، ولم ينشره فى قديم الأزل لنقول إن الواقع تجاوزه، بل نشره فى صحيفة التحرير بتاريخ 27 فبراير 2012، ولعلى ذكرته به الآن ليقرأه على جمهور برنامجه ليرد به على أولئك الذين يلبسون الحق بالباطل وهم يعلمون.
طلب منى قارئ كريم تفسيرا للهجوم الشرس الذى يشنه الكاتب الكبير أستاذى إبراهيم عيسى على من يصفهم فى مقالاته وبرنامجه بالحقوقيين ونشطاء اليسار الممولين من الخارج، قائلا إن حديث ابراهيم عيسى بتاريخه الثورى ضد ظاهرة التمويل الأجنبى فى هذا الوقت بالذات دفعه للتشكك أكثر فى نوايا ووطنية كل من يحصل على تمويل أجنبى من الخارج، وفى الحقيقة لم أجد ردا شافيا على السائل إلا بمقال مهم أحتفظ به يحمل عنوان (منافقون برخصة) وأثق أنه سيشكل إجابة وافية على أسئلة تثار كثيرا عن التمويل الأجنبى الذى تهاجمه أبواق الفضائيات الناعقة ليل نهار.
يقول المقال: «كان إذا أراد أحدهم أن يؤكد أن فلانة عاهرة وصفها بأنها عاهرة برخصة، أى أنها حاصلة بالفعل على رخصة رسمية لمزاولة البغاء، فقد كانت مصر وقتها تسمح رسميا بالبغاء، فكانت هناك بيوت بغاء مفتوحة بموافقة الدولة، وغانيات وعاهرات يحملن رخصا حكومية من مكاتب الصحة، بخلوهن من الأمراض، بما يسمح لهن بممارسة البغاء فى أحياء وأماكن مشهورة ومعلومة، مثل حى كلوت بك مثلا، واندلعت الحرب العالمية وكانت مصر مسرحها الساخن، حيث جنود الإنجليز ومعهم جنسيات من أستراليا والهند وغيرهما كانوا فى معسكرات منتشرة فى أرجاء الوطن، والجنود بشر فى أزمة ومحتاجين إلى «ترفيه» والترفيه يعنى الذهاب إلى دور البغاء. المفاجأة جاءت من هنا، أن الداعرات والعاهرات فى مصر رفضن بكل إباء وشمم وكبرياء وطنى صميم عظيم أن يفتحن سيقانهن للجنود المحتلين والأجانب.. مما دفع قوات الاحتلال الإنجليزى لاستيراد عاهرات أجنبيات مخصوصات إلى مصر بالتعاون مع غانيات أجنبيات مقيمات أصلا فى القاهرة والإسكندرية وقضوها كده. المدهش كذلك (مرجعى فى هذه المعلومات كتب الدكتور عبدالوهاب بكر عن تاريخ العالم السرى والبغاء فى مصر) أن الرجال المصريين من باب الوطنية ورفض الاحتلال والأجانب لم يقتربوا من العاهرات الأجنبيات، ولم يفضلوهن أبدا، فكانت دور البغاء وطنية وصناعة محلية يرفض الزبون والعاهرة أن يدخل بينهما أجنبى محتل غادر، ومن الجائز أن تسمع ساعتها عاهرة تعلن بكل عزم: «إلا المال الحرام بتاع الخواجات، آخد فلوسى وعرق جبينى من رجالة مصر، وحد الله بينا وبين الغرب (الاستعمارى الصليبى)». لماذا تلح على دماغى هذه الأحداث التاريخية عندما أتابع وطنية بعض الموجودين على الساحة السياسية فأجدها أقرب إلى وطنية بيوت البغاء وعاهرات مصر فى الحرب العالمية؟.
هناك شخصيات تجدها زاعقة بالصوت العالى ضد تمويل الغرب جمعيات ومنظمات حقوق الإنسان فى مصر والزعم أن هذا اختراق للوطن (والعجيب أن هذا الغرب نفسه هو الذى يموِل الجيش المصرى والحكومة ووزاراتها). صناديق التصويت البلاستيك شديدة الأناقة التى شهدناها فى لجان انتخابات مجلس الشورى، وكذلك الحبر الفسفورى، وكذلك الستائر المحيطة بمكان إدلاء الناخب بصوته داخل اللجنة.. كلها بفلوس وتمويل منظمة أمريكية رفيقة وشقيقة للمنظمات الأمريكية التى بدأنا فى محاكمتها أمس!
ما رأيك؟ يعنى الحكومة ذات نفسها أخذت مِنحا وهدايا وتمويلا من منظمة أمريكية حقوقية، بينما إذا حصلت منظمة حقوق إنسان على منحة من بلد هنا ولا هنا نفرت العروق وهات يا اتهامات بالعمالة أو الخيانة للآخرين. هناك وطنية عاهرات ترفض أى لقاء أمريكى أو أوروبى مع شخصيات أو تيارات سياسية فى مصر وكأن أى معارض مصرى هو خائن بالضرورة لو التقى مسئولا أمريكيا أو أوروبيا، أو أن أى سياسى مصرى هو مشروع عميل إذا قعد أو سافر أو قابل أحدا من حكومات الغرب، كأن الوطنية حكر على المسئولين وموزعى أختام الوطنية من الجالسين على مقاعد الحكم والجالسين على حِجر الجالسين على مقاعد الحكم، وكأن لواءات أمن الدولة وجنرالات الجيش هم وحدهم أصحاب الوطنية الغراء والذين يملكون حصانة مواجهة الغرب والأجانب دون أن يتحولوا إلى عملاء أو جواسيس مثلا، بينما المعارضون لنظام مبارك أو لحكم العسكر هم وحدهم مؤهلون لأن يكونوا عملاء للأمريكان!
العجيب أن دفعات بالمئات من ضباط الداخلية وبالذات فى فرع مكافحة الشغب ومواجهة الإرهاب وكذلك من جهاز أمن الدولة كانت تسافر للتدريب فى أمريكا سنويا، كذلك هناك مئتان من ضباط الجيش المصرى يتدربون فى بعثات سنوية تستمر عدة شهور فى الولايات المتحدة بالتعاون مع البنتاجون. لماذا يبدو هؤلاء أشرف من الشرف بينما حين يسافر شباب للتدريب على نشر الوعى السياسى والتنظيم الحزبى وبناء قواعد جماهيرية وتنظيم المظاهرات يبقوا ولاد كلب عملاء؟!
يعنى أمريكى يعلِم الضابط المصرى كيف يضرب قنابل الغاز ويفض بها المظاهرة، وأمريكى يدرب الضابط المصرى على قنص الإرهابى من فوق جبل واستخدام أشعة الليزر فى توجيه الضربات القاتلة، وأمريكى يعلِم الضابط المصرى أساليب الحرب النفسية فى استجواب المعتقلين ونزع الاعترافات منهم، وأمريكى يدرِب الضابط المصرى على التعامل مع حرب العصابات فى المناطق الجغرافية الوعرة، وحكومة أمريكية تستضيف هؤلاء الضباط فى فنادقها ومقراتها وعلى حسابها وتعطيهم دورات سياسية وتنظِم لهم جولات فى المجتمع الأمريكى.. كل هذا من وجهة نظر تيار وطنية العاهرات حلال مصفى ومية مية ولا خوف على هؤلاء أبدا من العمالة والخيانة وهلم جرا!
أما حين يدرِب أمريكى الشاب المصرى على تحديد أهداف الحملة السياسية، وتنظيم مؤتمر ومخاطبة الجمهور واستمالة المتفرجين إلى قضيته وكيفية إعداد الدعاية الناجحة لفكرته والأسلوب الأمثل لكسب ود الناس بخصوص الموضوع الذى يروج له وأفضل طرق تسويق فكرة أو شخص فى المجتمع سياسيا.. هنا يبقى الشاب فى رأى تيار وطنية العاهرات مضحوكا عليه وعميلا يخدم الأهداف الأمريكية ويريد تخريب مصر!
أما آن للعاهرات أن يتُبْن.. وأن يحصل المنافقون على رخصة كلوت بك؟!».
نسيت أن أقول للسائل الكريم ولك أن هذا المقال الذى انتهيت من قراءته للتو كتبه الأستاذ ابراهيم عيسى ذات نفسه، ولم ينشره فى قديم الأزل لنقول إن الواقع تجاوزه، بل نشره فى صحيفة التحرير بتاريخ 27 فبراير 2012، ولعلى ذكرته به الآن ليقرأه على جمهور برنامجه ليرد به على أولئك الذين يلبسون الحق بالباطل وهم يعلمون.